Maharat Foundationأين أصبح مشروع الصرف الصحي - Journalist version
يتخطى الهدر المالي عتبة الـ1.4 مليار
22 محطة تكرير تابعة لمجلس الإنماء والإعمار و 65 محطة تابعة للبلديات ومؤسسات المياه
تُعتبر عملية جمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها وإعادة استخدامها ضعيفةً أو شبه غائبة في لبنان
عملًا بـ"استراتيجية قطاع الصرف الصحي" التي أطلقتها وزارة الطاقة والمياه عام 2010، والتي قوبلت بدعم دولي وتحديدَا أوروبي
أنشأت هذه المحطات بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار الذي يتولى تشغيلها عبر عقود لمدة سنة أو سنتين. وعند انتهاء العقود، لا تكون المؤسسة جاهزة وقادرة على استلام المحطات لتشغيلها وبدء العمل فيها.
إلى جانب ذلك، تشكو هذه المؤسسات من نقص في اليد العاملة، كونها تعتمد على المستخدمين لفترة محددة، وسط عجز مالي وعجزٍ تقني جراء عدم تكامل البنيان الأساسي لإطلاق عملها.
فُتح ملف قطاع الصرف الصحي للمرة الأولى عام 2019 عن طريق الصدفة، بعد فضيحة فيضان مجرور الصرف الصحي الذي يصب في البحر قرب مشروع الإيدن باي، في منطقة الرملة البيضاء في بيروت.
على قاعدة من "هالك لمالك لقباض الرواح"، انتقل الملف من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات إلى المحامي العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان خوري وانتهى في أحد أدراج القضاء.
عوضاً عن استجواب كل المتعهدين الذين نفذوا مشاريع بملايين الدولارات، ادعى القضاء على قلّة، بينهم المتعهد رياض الأسعد الذي تم الاستماع إليه هذا الأسبوع.
الحكومة فشلت فشلًا ذريعًا في إنجاز الأهداف التي وضعتها لنفسها - لم تستطع الحكومة تشغيل محطة تكرير واحدة بشكلٍ كامل. فمن أصل 12 محطّة كبيرة كفيلة بتلبية احتياجات نحو 65% من المُقيمين، أُنجزت ثماني محطّات فقط، (طرابلس، شكا، البترون، جبيل، الغدير، النبي يونس، صيدا وصور) فيما لا تزال محطّات العبدة وكسروان وبرج حمود قيد الإعداد، وتنتظر محطّة ساحل الزهراني تحديد موقعها (في الصرفند أو الغازية) وتوفر التمويل لإنشائها. -
المواطن يدفع الفاتورة الصحية والبيئية وفي ظل انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وانشغال المواطن بتأمين أبسط حاجاته اليومية والحياتية، لم يعد قطاع الصرف الصحي يحظى بالاهتمام اللازم. في غضون ذلك، تتحوّل القضية يومًا بعد يوم إلى فجوةٍ كبيرةٍ من حيث الهدر والاستهتار وتفاقم تداعياتها.
يشكو مواطنون من روائح منبعثة من مياه الصرف الصحي، التي تجري في بعض المناطق على الطرقات في الأحياء والشوارع، من دون أي ربط بشبكات الصرف الصحي ومعامل التكرير الخاصة بها. وبدلًا من أن تعالج المياه الآسنة في المعامل، تُحوّل إلى الأودية والأنهار والبحر كمحطة أخيرة
السلطات فشلت في إدارة مشروع تكرير المياه الذي لم يبصر النور حتى اليوم، وستطفئ محركات المحطتين الوحيدتين العاملتين بشكلٍ جزئي، جراء عدم توفر القدرة التشغيلية مع ارتفاع التعرفة وعدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على تشغيلها. وسيؤدي ذلك إلى ضمّ هاتين المحطتين إلى 85 محطة أخرى متوقفة عن العمل منذ إنشائها، حتى أجلٍ غير مسمى.
المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسّان بيضون:
لم تُستكمل معظم شبكات معامل التكرير بسبب عدم وصلها بشبكات الصرف الصحي وشبكات المياه حتى هذه الساعة، ما يعني باختصار عدم تكامل المشروع تقنيًا بذريعة عدم توفّر التمويل الكافي، المقدّم كهبة لكن يتم استخدامه لأغراض أخرى.
ويشرح بيضون أن التزام لبنان باتفاق دول الشرق الأوسط للحدّ من تلوّث المياه هو ما دفعه لتنفيذ مشروع تكرير الصرف الصحي. ويؤكد "لولا هذا الالتزام لما كانت الدولة اللبنانية قد فكّرت من الأساس بالمشروع ولكنّا بقينا على عاداتنا القديمة".
ويتابع "قدّمت الدول الأوروبية مشاريع نموذجية بهباتٍ، لكن لم تقابل هذه المساعدات بإدارة متكاملة وبجهاز فني وبشري في المؤسسات الاستثمارية للمياه لمتابعة وإكمال الانتفاع من هذه النماذج".
وبحسب بيضون، منذ العام 2009 حتى اليوم، ما من مؤسسات مستقلة، بل هناك وزير يحتكر القرار بغياب مجالس إدارات، ولا من قدرة على ضبط مواردها وشبكاتها ومنع سرقة المياه، إضافةً إلى عملية تفعيل جباية أموالها وزيادة تعرفاتها بسبب سوء الأوضاع المعيشية.
ويعتبر أن قانون تنظيم قطاع المياه 221/2000 الذي خلق هذه المؤسسات الاستثمارية "خلقها وخنقها في الوقت ذاته"، عبر فرضه مراعاة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية في التعرفة التي يعتمدها.
ويؤكد أن عدم استقلالية مؤسسات المياه هو السبب الرئيسي لعدم قدرتها على تفعيل أعمالها ومشاريعها التي تضم معامل تكرير الصرف الصحي.
ويقول "فرض وزارة الطاقة توجّهاتها الخاصة على المؤسسات هو السبب الرئيسي وراء حالة العجز التي تعيشه اليوم.. وكل هذه الفوضى ناجمة عن سوء إدارة"، معتبراً أنّ "الوزير لا يقبل استكمال المشاريع إلا على طريقته عبر إحضار متعهديه وتلزيماته ويبرمج العمل وفق مصالحه الخاصة".
المتعهّد رياض الأسعد:
منظومة الفساد الحاكمة تحاول كالعادة تحميل مسؤولية هذا الفشل والفساد إلى موظفين صغار أو أشخاص غير محسوبين عليها كما تحاول أن تفعل اليوم.
الملف القضائي كيدي وليس جدياً بعدما اختاروا أن يتهموا به متعهّداً واحداً.
تفاجأت خلال جلسة الاستماع بأنني لم أر أيًا من المتعهدين العاملين في هذا المشروع، كما لو أنّ الحملة والتحقيقات وكل ما يدور في هذا الملف موجّه لي شخصياً".
ويتعهّد الأسعد بكشف معطيات في المستقبل القريب، دفاعاً عن سمعته بالدرجة الأولى، ولنقل الوقائع وتسليط الضوء على صلب المشكلة، بالدرجة الثانية
لا سياسة أو إطار عمل مؤسساتي خاص بمعالجة هذه المياه أو إعادة استخدامها، ولا إرشادات حول التقنيات الأكثر فعالية من أجل توفير كلفة معالجة مياه الصرف الصحي واستخدام المعالجة منها في الزراعة - وفق أهداف الاستراتيجية الموضوعة "ستزداد عمليات جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي بنسبة 95 في المائة بحلول عام 2020 مقارنة مع يومنا هذا؛ وسيتم إدخال كافة مياه الصرف الصناعي بحلول عام 2020".
استقلالية المؤسسات المعنية بقطاع الصرف الصحي وعدم إخضاعها للوزراء أول خطوة نحو التمكن من تطبيق المشاريع المناطة بها.